آخر الأخبار

هذا اليمن

الثلاثاء, 13 مايو, 2025

عندما دخلت الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة وعدوان سافر على اليمن ـ في سياق استراتيجية أوسع، لحماية أمن إسرائيل وضمان استمرار الهيمنة على الممرات البحرية الدولية ـ لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع إذعانًا أمريكيَّا سريعًا، بالإعلان عن اتفاق مع «الحوثيين».
 
 
اتفاق أضاف أبعادًا جديدة في العلاقة بين الولايات المتحدة و«إسرائيل»، خصوصًا أنه ينصّ على وقف هجمات «الحوثي» على السفن الأمريكية فقط، في البحر الأحمر، مقابل وقف واشنطن ضرباتها الجوية ضد اليمن.. فيما لم يشمل وقف الهجمات «الحوثية» على «الكيان الصهيوني».
 
 
اللافت أن هذا الاتفاق أربك حسابات «إسرائيل»، وجعل «حكومة نتنياهو» في أزمة حقيقية وموقف صعب، إذ تُركت «بمفردها» تواجه تهديدات «الحوثيين» من دون غطاء أمريكي مباشر، ما يثير تساؤلات عما إذا كان ذلك مؤشرًا لتراجع حجم وطبيعة دعم واشنطن لـ«الكيان الصهيوني»!
 
 
كما أن تصريحات «ترامب» كانت مثيرة للدهشة، بعد حوالي ثمانية أسابيع من القصف «العشوائي»، ليعلن وقف مغامرته الطائشة في اليمن فجأة، كما بدأت فجأة، مبررًا ذلك بأن «الحوثيين» لا يريدون القتال بعد الآن، وأن الولايات المتحدة ستقبل كلمتهم وتوقف القصف!
 
 
ما حدث يشير إلى أن سلوك «ترامب» أظهر تحولًا تدريجيًّا في سياسته تجاه «الكيان الصهيوني»، حيث بدأ تبنِّي مقاربة براجماتية تخضع للمصلحة الأمريكية المباشرة بدلًا من الالتزام الأيديولوجي الثابت بالدعم المطلق لـ«إسرائيل»، وذلك يبدو واضحًا في تراجع مواقفه الحادَّة بشكل ما، تجاه إيران أو «الحوثيين».
 
 
ربما أدرك «ترامب» ـ متأخرًا ـ أن واشنطن لا تمتلك القدرة على صراع استنزاف طويل في اليمن، قد ينتهي بخسارتها، كما حدث سابقًا في فيتنام وأفغانستان، في ظل فشل استخباراتي واضح في تحديد الأهداف الحيوية اليمينة، وعدم وجود جواسيس أو «متعاونين» على الأرض.
 
 
عندما دخلت أمريكا معركتها مع اليمن، اعتمدت على «استراتيجية الصدمة»، واعتقد «ترامب» أن التهويل المصحوب بالترويع، سيجعل الخوف هو صاحب القرار في اليمن، وأن استجلاب أحدث آلات القتل في الترسانة الأمريكية، سيؤدي قطعًا لتراجع أو استسلام اليمنيين.. وهذا بحد ذاته قصور معرفي بطبائع ذلك الشعب الأبيّ.
 
 
إن يقوم به اليمنيون ـ من دعمٍ حقيقي وإسنادٍ لغزة ـ تأكيد على أن مواقفهم تنطلق من ثوابت إيمانية وأخلاقية وإنسانية، كما كشف حقيقة صادمة، وهي أن صواريخهم ومسيَّراتهم أقلقت معظم الأنظمة العربية قبل «إسرائيل»، كما نسفت التابوهات التقليدية لأبواقهم الإعلامية، وعطَّلت منظومة دعاية المُطَبِّعين التي تسوِّق للهزيمة.
 
 
 أخيرًا.. إن نُصرة الشعب اليمني العظيم، لغزة الأبيَّة، جعلته مصدر اعتزاز لشعوب العالم العربي والإسلامي، وبات اسمه مرتبطًا ببطولات «طوفان الأقصى»، خصوصًا أن هذا «اليمن» أصبح معضلة حقيقية لـ«الكيان الصهيوني»، بعد أن جعل «ترامب» يخضع صاغرًا لجماعة «أنصار الله» اليمنية، وتكريس أولوية المصالح الأمريكية على حساب الجميع، بما فيهم «إسرائيل».
 
 
فصل الخطاب:
 
 
يقول «تشي جيفارا»: «خير لنا أن نموت ونحن واقفين مرفوعي الرأس على أن نموت ونحن راكعين».
 
* نقلًا عن جريدة الوفد

المزيد من محمود زاهر